على إحدى مداخل مدينة أسا بجنوب المغرب تستقبل الزائر لوحة إعلانية كبيرة مكتوب عليها :" ترميم قصر أسا ...ورش أثري هام " وتقدم شروحا لمراحل الأشغال في مشروع ترميم واحد من أهم المواقع الأثرية القديمة بالجنوب إنه :قصر مدينة أسا التاريخي, الذي يقع في الجهة الشرقية لولاية كلميم والذي بني قبل حوالي 10 قرون وشكل مركزا استراتيجيا مهما على مشارف الصحراء حسب ما تذكره بعض المصادر التاريخية.. وتقدر مساحتة بحوالي7 هكتارات ويحيط به سور كبير تتخلله بوابات ومنافذ خاصة كانت تغلق ليلا لضمان تحصين القصر.... ويضم بين جنباته عشرات الدور السكنية التي تهاوى أغلبها, كما يضم أيضا مساجد ومقابر وساحات عامة .. وتحيط به واحات وبساتين من أشجار النخيل...... و بدأت المراحل الأولى من مشروع ترميم هذه المعلمة التاريخية قبل أربع سنوات في إطار برنامج حكومي لترميم و تأهيل المواقع الأثرية بالجنوب بالتعاون والتنسيق مع ساكنة المنطقة والنسيج الجمعوي , و تشرف على هذا الورش الأثري المهندسة سليمة الناجي ذات التخصص و الباع الطويل في مجال الترميم , وهي التي كان لها السبق في اطلاق مشاريع مماثلة في مناطق متعددة بجنوب وشرق المغرب , وشكل المشروع فرصة لتشغيل العديد من شباب المنطقة من ذوي التجرية و الخبرة بفنون و أساليب البناء التقليدي المحلي , حيث يتم توظيف مواد بناء محلية كالأحجار و الطين والأعمدة الخشبية إضافة الى الجير ومواد أخرى " من أجل الحفاظ على الطابع التراثي الأصيل للقصر " كماقال لنا المعلم الحسن وهو أحد البنائين المشرفين على الأشغال , وحظي هذا المشروع منذ انطلاقته بتغطية إعلامية مهمة إضافة الى اهتمام منظمات دولية كاليونسكو و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ,إضافة الى مهتمين وطلبة من داخل المغرب وخارجه .أما سكان القصر الأصليين فقد استبشروا خيرا بهذا المشروع الذي " سيعيد الحياة الى هذا القصر " كما يرى احدهم بينما يتطلع آخر الى " استثماره مستقبلا لإنعاش النشاط السياحي و الثقافي بالمنطقة " على حد تعبيره, فيما لا يخفي البعض الآخر تخوفه من " أن يتم استغلال القصر كسلعة أو كمنتوج سياحي مما سيفقده قيمته الثراثية المحافظة " ,إلا أن المشرفين على هذا الورش حاولوا في أكثر من مناسبة أن يشرحوا للسكان أن قصرهم بعد ترميمه كاملا "سيساهم في تنمية المنطقة و سيرجع بالنفع على أصحاب المشاريع الصغيرة التي ستقام بداخله" , يذكر أن قصر أسا يضم بين جنباته العديد من المزارات و الأضرحة التي يعتبرها السكان هنا قبورا " للأولياء و الصالحين " حتى سميت مدينة أسا بمدينة الأولياء, إضافة إلى زاوية علمية عريقة أسسها الشيخ يعزى و يهدى قبل حوالي 7 قرون و اعيد بناؤها على النمط العصري لتستمر في أداء أدوارها العلمية والروحية و يقام فيها موسم سنوي في ذكرى المولد النبوي الشريف و يحج اليه المئات من الزوار. عادت الحياة إذن لقصر تعاقبت عليه حضارات مختلفة ,وظل يؤدي وظائفه الإجتماعية و الأمنية الى حدود السبعينات من القرن الماضي حيث شهد هجرات جماعية لسكانه ,الذين فضل غالبيتهم السكن في المدن العصرية الجديدة بدلا من البنايات الطينية للقصر الذي ظل بعد ذلك مهجورا ومنسيا لعقود من الزمان حتى تهاوت أغلب جنباته و أسواره بفعل الإهمال و النسيان , فجاء مشروع ترميمه و تأهيله ليبعث الروح في ذاكرة كادت تضيع, و يرجع الحنين الى حياة مضت عبر عنها بعض السكان بالإحتفال و الأفراح على طريقتهم الخاصة في إحدى ساحات هذه المعلمة التاريخية.
1 التعليقات:
قصر اسا مشروع تنموي وحفاظ على الذاكرة
على إحدى مداخل مدينة أسا بجنوب المغرب تستقبل الزائر لوحة إعلانية كبيرة مكتوب عليها :" ترميم قصر أسا ...ورش أثري هام " وتقدم شروحا لمراحل الأشغال في مشروع ترميم واحد من أهم المواقع الأثرية القديمة بالجنوب إنه :قصر مدينة أسا التاريخي, الذي يقع في الجهة الشرقية لولاية كلميم والذي بني قبل حوالي 10 قرون وشكل مركزا استراتيجيا مهما على مشارف الصحراء حسب ما تذكره بعض المصادر التاريخية.. وتقدر مساحتة بحوالي7 هكتارات ويحيط به سور كبير تتخلله بوابات ومنافذ خاصة كانت تغلق ليلا لضمان تحصين القصر.... ويضم بين جنباته عشرات الدور السكنية التي تهاوى أغلبها, كما يضم أيضا مساجد ومقابر وساحات عامة ..
وتحيط به واحات وبساتين من أشجار النخيل...... و بدأت المراحل الأولى من مشروع ترميم هذه المعلمة التاريخية قبل أربع سنوات في إطار برنامج حكومي لترميم و تأهيل المواقع الأثرية بالجنوب بالتعاون والتنسيق مع ساكنة المنطقة والنسيج الجمعوي , و تشرف على هذا الورش الأثري المهندسة سليمة الناجي ذات التخصص و الباع الطويل في مجال الترميم , وهي التي كان لها السبق في اطلاق مشاريع مماثلة في مناطق متعددة بجنوب وشرق المغرب , وشكل المشروع فرصة لتشغيل العديد من شباب المنطقة من ذوي التجرية و الخبرة بفنون و أساليب البناء التقليدي المحلي , حيث يتم توظيف مواد بناء محلية كالأحجار و الطين والأعمدة الخشبية إضافة الى الجير ومواد أخرى " من أجل الحفاظ على الطابع التراثي الأصيل للقصر " كماقال لنا المعلم الحسن وهو أحد البنائين المشرفين على الأشغال , وحظي هذا المشروع منذ انطلاقته بتغطية إعلامية مهمة إضافة الى اهتمام منظمات دولية كاليونسكو و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ,إضافة الى مهتمين وطلبة من داخل المغرب وخارجه .أما سكان القصر الأصليين فقد استبشروا خيرا بهذا المشروع الذي " سيعيد الحياة الى هذا القصر " كما يرى احدهم بينما يتطلع آخر الى " استثماره مستقبلا لإنعاش النشاط السياحي و الثقافي بالمنطقة " على حد تعبيره, فيما لا يخفي البعض الآخر تخوفه من " أن يتم استغلال القصر كسلعة أو كمنتوج سياحي مما سيفقده قيمته الثراثية المحافظة " ,إلا أن المشرفين على هذا الورش حاولوا في أكثر من مناسبة أن يشرحوا للسكان أن قصرهم بعد ترميمه كاملا "سيساهم في تنمية المنطقة و سيرجع بالنفع على أصحاب المشاريع الصغيرة التي ستقام بداخله" ,
يذكر أن قصر أسا يضم بين جنباته العديد من المزارات و الأضرحة التي يعتبرها السكان هنا قبورا " للأولياء و الصالحين " حتى سميت مدينة أسا بمدينة الأولياء, إضافة إلى زاوية علمية عريقة أسسها الشيخ يعزى و يهدى قبل حوالي 7 قرون و اعيد بناؤها على النمط العصري لتستمر في أداء أدوارها العلمية والروحية و يقام فيها موسم سنوي في ذكرى المولد النبوي الشريف و يحج اليه المئات من الزوار.
عادت الحياة إذن لقصر تعاقبت عليه حضارات مختلفة ,وظل يؤدي وظائفه الإجتماعية و الأمنية الى حدود السبعينات من القرن الماضي حيث شهد هجرات جماعية لسكانه ,الذين فضل غالبيتهم السكن في المدن العصرية الجديدة بدلا من البنايات الطينية للقصر الذي ظل بعد ذلك مهجورا ومنسيا لعقود من الزمان حتى تهاوت أغلب جنباته و أسواره بفعل الإهمال و النسيان , فجاء مشروع ترميمه و تأهيله ليبعث الروح في ذاكرة كادت تضيع, و يرجع الحنين الى حياة مضت عبر عنها بعض السكان بالإحتفال و الأفراح على طريقتهم الخاصة في إحدى ساحات هذه المعلمة التاريخية.
إرسال تعليق