Your Adsense Link 728 X 15

"تگمي أوگليد": دار السلطان.......بقلم: حسن أبدار

Posted by Blogger الأحد، 2 يونيو 2013 0 التعليقات




شكل فن العمارة نقطة جذب لما يتميز به من خصوصيات، وباعتباره من أقدم انجازات الإنسان على الإطلاق، وأحد الروافد الأساسية التي يمكن أن نتتبع عبر حمولتها تاريخ البشرية، وتطور ثقافتها وتلاقح تأثيراتها مدا وجزرا. هذا وقد لعبت العمارة دورا حيويا في المجالات السياسية والدينية والاقتصادية والحضارية، وانصب انشغال الباحثين حولها اعتمادا على عدة تخصصات: الجغرافية والاقتصاد والتاريخ والأركيولوجيا وعلم الاجتماع والانتروبولوجيا.. . وما يلفت نظرنا أن منطقة تغجيجت غنية بالمظاهر العمرانية الحضارية، باعتبارها المنطقة القريبة من أهم مركزين لتجارة القوافل في الجنوب("تامدولت" و"نول لمطة")، وبأنها المنطقة التي تتميز بالتنوع الإثني والقبلي. لهذا فواحة تغجيجت تزخر بالعديد من المآثر التاريخية وبعض النقوش الصخرية التي تعود إلى عصور متعاقبة تشهد على عراقة وقدم تاريخ الواحة. وتعد "تگمي أوگليد" هذه المعلمة الأثرية من أهم المعالم التاريخية التي تزخر بها تغجيجت، والتي تشهد على قوة مشيديها وعلى عمق تفكيرهم العمراني وأصالته. وتقع هذه المعلمة على قمة جبلية وعرة المسالك (جبل خيبر) تطل على كل الأراضي المنخفضة في مختلف الجهات لتحتل موقعا استراتيجيا لمراقبة الطرق التجارية والتصدي لأي غزو أجنبي. فحسب الخلاصات والاستنتاجات الأولية لحفريات يقوم بها فريق مغربي إسباني فرنسي في علوم الآثار والتراث على امتداد واد نون وحسب الروايات الشفوية، يرجع تاريخ بناء هذه القلعة إلى العصر الموحدي وذلك لوجود تشابه في طريقة البناء بين قلعة "تگمي أوگليد" و "باب الرواح" بمدينة الرباط.  وفي مقابل ذلك فقد أرجع مصطفى ناعيمي بناء هذه المعلمة إلى العهد المرابطي اعتمادا على أن أصل السلطان كان صنهاجيا. ونظرا لصعوبة المنطقة وعلوها فيُروى أن هذا الحصن بني عن طريق العمل الجماعي "التويزة". كما أن تسمياته قد تعددت من "القصر البرتغالي" إلى "أگادير إزناگن". لكنه اشتهر بتسمية "تگمي أوگليد" أي دار السلطان. وتوجد هذه القلعة على ارتفاع كيلومترشمال شرق تغجيجت، وتنتمي إلى كتلة جبليةتدعى "توْريرت لحسن". هذا المرتفع يتشكل منممر يصعب تسلقه في الجانب المقابل للفتحة التييجري فيها واد صياد. وتستغرق الرحلةالأعلى أكثر من ساعة. والغريب في الأمر هو وجود هذه القلعة على هذه القمة الخالية متخذة شكل رباعي الأضلاع أحدها مدعم في وسطه ببناء ضخم محكم الهندسة وكأن السنوات التي مرت عليها لم تمسه بشيء. وتبلغ المساحة الإجمالية للقلعة 1.268.797 متر² تقريبا، يحيط بها سور عظيم يقوم على منحدرات يصعب تسلقها. يتوسط الباب الرئيسي برجين مستطيلين يربطهما في الزوايا من الأعلى والأسفل عمودان منصوبان على حوامل تقليدية، وتظهر في وسطه نافذة صغيرة. وقد وضعت أحجار غير منقوشة بجدرانها وذلك بتصميم متقن. وصحيح القول إن التهيئة الداخلية للباب الرئيسي لا تقل أهمية عن التناسق البادي للعيان في الخارج؛ فمن المدخل يمتد الفناء الذي يظهر كبهو يتخذ شكل مستطيل، تتواجد به غرفة لإيواء الحرس تتكون من ممر منعرج يسمح بالولوج إلى داخل القلعة. وتنفتح هذه الغرفة عبر أبواب مقوسة بنفس المقاييس (تعادل مقاييس الباب الرئيسي) على غرفتين جانبيتين تغطيهما قبتان مختلفتان. أما المواد المستعملة فلا شك أنها الحجارة رغم تواجد بقايا جدار مبني بالطوب المحلي، ويتواجد بالقرب من المدخل الرئيسي للقلعة خزانات للمياه عددها ثلاثة تبلغ مساحتها الإجمالية 179.90 متر² تقريبا. رد الاعتبار لمعلمة "تگمي أوگليد"تشكل معلمة "تگمي أوگليد" الأثرية إذن قبلة لمجموعة من الدارسين والباحثين في ميادين الدراسات الأركيولوجية رغم إهمالها وخرابها، نظرا لعدم تحرك الجهات المسؤولة للحفاظ على هذه المعلمة من الاندثار والزوال.الا أنه في الأونة الأخيرة بدأت بعض ملامح رد الاعتبار لهده المعلمة التاريخية الخالدة ودلك من خلال القيام بعمليات الترميم في سنة 2009م والتي همت مختلف مرافقها. وإذا كان القرن السادس الهجري قد ترك لنا عددا من الأبواب الموحدية والتي تشد إليها الأنظار لقوتها وجماليتها، فإن باب "تگمي أوگليد" بتغجيجت لا يختلف عن هذه الأبواب.
تعتبر معلمة ڭمى أوكليد" أو دار السلطان بمنطقة تغجيجت  إرث تاريخيا و عمرانيا ذا أهمية بالغة في ثراث المنطقة، ولكن غياب مصادر تاريخية عن هذه القلعة حير الدارسين حول ظروف تأسيسها و ملابسات عمرانها المادي ، و رغم وجود إشارات تؤكد أن القلعة تعود إلى زمن الدولة المرابطية، إلا أن هذا يبقى مجرد افتراض أو في أحسن الحالات تخمينا، حيث أن ما توصلت  إليه البعثة الاثرية الاسبانية – المغربية التي فامت بحفريات بالمنطقة أكدت على وجود  البصمة المعمارية الموحدية في عمران القلعة . و هو ما تقصده فعلا بعض  الإشارات الثاريخية النادرة حول هذه المنطقة، و يبفى الترجيح بين اعتبارها  بناية مرابطية صممت لوضع  حد للزحف  الموحدي نحو المنطقة  أو اعتبارها معلمة موحدية  أنشئت بهدف ايقاف ثورات أهل المنطقة ضد السلطة الموحدية في بداياتها.
أما من ناحية  التكوينات المعمارية و الهندسية للقلعة المذكورة، فهي تحتاج إلى  دراسة أثرية متأنية و دقيقة، و يبقى وصف كل مناظرها العمرانية مجرد  توصيف نظري،  حيث أن تعدد مرافقها  و بناياتها  يتطلب  خبرة و تكوينا  في علم  الجيولوجيا و الأثار فالمعلمة منتصبة على قمة  جبل "ساراس" ،  اتخدت شكل رباعي الاضلاع، يحيط بها سور كبير مقام على منحدرات تضاعف من علوه، و تنفتح  في باب أمامي و خلفي  عبر ممرات طويلة ،  كما تتخللها  أبراج المراقبة . أما من  ناحية مواد البناء فهي كلها من الحجارة  المنجورة المتناسقة والمزخرفة، كما توجد بها قباب  تشكل سقف مدخلها  الرئيسي، كما تتوفر كذلك على خزانات المياه ، و ما يجب الاشارة اليه هو انه ينبغي أن ندق ناقوي الخطر الذي يواجه هذه المعلمة التاريخية  بمنطقة الجنوب المغربي على وجه العموم ، لذلك يجب الاسراع  بإعاددة ترميمها وفق المعايير المعترف بها دوليا  من طرف منظمة اليونسكو ، و كذلك انجاز دراسة علمية حولهاتتظافر فيها كل التخصصات ، كما يمكن الاعتماد عليها في الجوانب التنموية بالمنطقة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

محرك البحث

Google

About

أرشيف المدونة