الصناعة الجلدية باسا
الاثنين، 3 يونيو 2013
0
التعليقات
Ballali Mohamed
1026043265
تحت إشراف الأستاذ باصير
تتمركز
منطقة
آسا حسب التقسيم الجهوي ضمن جهة كلميم السمارة ، يحدها غرب طانطان وشرقا طاطا ومن
شمالا كلميم والحدود الدولية للجزائر وموريتانيا وجنوب السمارة .
تعتبر مدينة آسا من أهم
المراكز التاريخية التي عرفتها المنطقة الجنوبية بحيث تبعد عن مدينة كلميم ب 110
كلم وتنتمي إلى حوض درعة، بحيث يعطيها وجودها علي الحدود المغربية الجزائرية
الموريتانية بعدا و موقعا استراتيجي مهما ،
كما تقع بين كتلتين تضاريسيتين ، السفح الجنوبي للأطلس الصغير الصحراوي
متمتلا في كتلة باني شمالا وواركزيز جنوبا .
كما تنحصر بين هاتين
الكتلتين مجموعة أودية من بينها واد آسا الذي يتميز بفرشة مائية باطنية كأهم روافد
من روافدها بحيث يبعد عن المنطقة ب 14 كلم ، كما يتميز بتربة خصبة تساعد على نمو
غطاء نباتي مهم قام الإنسان بالعيش على عائداته .
ولعل ما يميز التقسيم الجغرافي في المناطق
الصحراوية هو وجود نمطين من العيش وهما الترحال والإستقرار ، فالنمط الأول عرف
تراجعا واضحا خلال السنوات الآخرة نتيجة قساوة الضروف الطبيعية والإجتماعية الصعبة
وبالتالي فإن العنصر البشري الآساوي أصبح مآله هو الإستقرار في المدن والقصور
والقصبات ، كما يغلب الطابع الهضبي على جغرافية المنطقة بحيث تتكون جغرافية
المنطقة من حمادات وهي هضاب مستوية يترواح إرتفاعها ما بين 500 و 1000 متر كحمادة تندوف وهي
عبارة عن هضبة كلسية تشكلت في العصر الجيولوجي الثاني ) الجيوراسي ( بحيث يصل إرتفاعها إلى 600 متر ، كما تمتد إلى جنوب حمادة درعة وهي الآخيرة عبارة عن هضبة كلسية تكونت خلال
العصر الجيولوجي الثاني وتمتد ما بين مجرى واد درعة والطية المقعرة لتندوف ، كما
أن هناك ما يسمى بالأعراق الممتدة في الجنوب والجنوب الغربي متمتلة في حبال
الواركزيز التي تتميز بارتفاعات متوسطة وتتخد شكلا عرضيا من الشمال الشرقي إلى
الجنوب الشرقي ، وهناك أيضا منخفض آسا الذي يتخد شكل شريط ضيق من الشمال الشرقي
إلى الجنوب الغربي متكونا من السهول الغرينية الممتدة على طول الأودية الموسيمية ) واد آسا – واد الزاك – واد تيفرت ( وترتفع هذه السهول عن البحر ب 350 متر مخترقة من طرف بعض
المسيلات النازلة من المرتفعات المحيطة بها ، وبصفة عامة يمكن أن نصف داخل البنية
الجيولوجية للإقليم
يشكل
سكان آسا جزءا لا يتجزأ من كونفدرالية قبائل تكنة [1] التي إستقرت بواد نون مند بداية القرن الثامن عشر
ميلادي وتجدر الإشارة إلى أن لفظة تكنة تدل على مزيج بشري من القبائل الأمازيغية
والعربية ، ينتشر سكانها وخيامها بحوض وادنون وباني ، وترجح الرواية الشفوية أن
أصل هذه الكلمة يعود إلى إحتمالين : الإحتمال الأول المفهوم العربي لبلاد تكنة العسكرية أو البنية
التي يقوم عليها سقف البناء ، الإحتمال الثاني يرتكز على الإشتقاق اللفظي
الأمازيغي لمفهوم الضرة ) تكنة ( وتقول الروايات على أن الجد الأسمى لتكنة بما فيهم قبيلة أيت أوسا
هو عثمان بن مندي [2] .
إن
سكان آسا الحاليين هم حديثي الإستقرار نسبيا يعود الأسر إلى القرن الثامن عشر على
اعتبار أن الصبغة الترحالية لقساوة الظروف الطبيعية بالمنطقة هذا الإستقرار الذي
كان على حساب السكان الإصليين الذين إستقروا بالمنطقة وهم أيت إعزا ويهدى إضافة
إلى بعض العناصر السوداء والحراطين بالنظر إلى ضعف هذه القبائل الأمازيغية الأصل
حيث لم تستطيع الصمود أمام قبائل أيت أوسا التي لم تجد صعوبة في الإستيلاء على
منطقة أسا ليختلط أفرادها بأهل المنطقة ويطبعوا هذه الأخيربطابعهم دعاتهم التي
أخدت تحمل إسمهم [3] .
كما
تتناول الروايات الشفوية والمراجع العربية والأروبية أصل سكان المنطقة من منظور
مشرقي على إعتبار أن الساكنة حبشين ولو أن هناك رأيا ينسبهم إلى بني صنهاجة .
تعتبر
قبيلة أيت أوسا أحد أهم مكونات لف أيت عثمان وأكبرها عددا وحجما وأبعدها توغلا في
الصحراء ويظهر ذلك جليا من عدد محاميها من القبائل الآخرى ، والا شك أن الموقع الإستراتيجي لاسا التي تعتبر الإطار
المركزي والروحي لقبيلة أيت أوسا أسهم بشكل كبير في جعلها محط أنظار العديد من
الوافدين ، وقد إختلفت أصولهم باختلاف الدوافع التي أدت إلى نزوحهم للمنطقة .
وانطلاقا
مما أوردته الكتابات الأروبية التاريخية كما أسلفنا الذكر ، إن منطقة وادنون درعة
عرفت إستقرار بشري مند القدم وهو ما يشير إليه نشوء علاقات تجارية في هذا الصدد
بين أهالي المنطقة والقرطاجيين .
وهو
ما يدل على أهمية المنطقة وازدهار إقتصادها في تلك الفثرة التاريخية كما أن هناك
ومضات تفسر مدى أهمية المنطقة بعد ظهور الإسلام حيث سيتوافد على المنطقة سليل أبي
بكر الصديق صحبة زوجته وأبنائه وهو ما يعني أن آسا ستشكل في عهده عاصمة للجنوب
المغربي وهو ما يفسر الدور الآساسي الذي لعبته المنطقة كدور أساسي وممر تجاري مهم
في قثرة إزدهار تجارة تجارة القوافل التي ربطت بين السودان وشمال إفريقيا على
الرغم من أفول هذا الدور بعد مجيئ الأروبيون لغيروا أتجاهها نحو المحيط وهو ما
سيكرسه الإستعمار الإسباني عبر القطيعة الإقتصادية بين آسا والجنوب المغربي على
إعتبار أنها آخر نقطة ضمن النفود الفرنسي .
إن الحديث عن الصناعة التقليدية بإقليم اسا تستدعي
التطرق والتعريف بالخصائص الجمالية للإبداع اليدوي بالمنطقة والكشف عن كوامنه التعبيرية عند الحرفين الحسانين لاسيما في مجال الإنتاج
اليدوي ، واخص بالذكر المشغولات الجلدية ، الخشبية ، النسيجية ، المعدنية والتي
تجمع بين الوظيفة النفعية والوظيفة الجمالية ،هذا الإنتاج التقليدي شكل على امتداد
تاريخه الإبداعي المتواصل في الزمان والمكان أنماطا و صنوفا فنية وتقاليد عملية
حرفية ووحدات تعبيرية تجسد جهود الصناع الحرفيين وأصحاب المهن التقليدية الرامية
إلى تأهيل هده الأشكال التراثية وحمايتها من الضياع والاندثار.
ولعل أهم ما يميز الصناعة التقليدية بالمنطقة هو أنها لاتقوم على
مهارة المحاكاة limitation
بدافع الحفاظ على الشكل الموروث فحسب ، بقدر ما يشتغل على استخدام الصيغ الفنية
القديمة وإعادة صياغتها وفق رؤى وتصورات جديدة متميزة على مستوى التكوين والبناء
الجمالي والأسلوب الفني[4][1]
. ورغم انه يدور في فلك العادات والتقاليد فان الإنتاج اليدوي الصحراوي يسعى إلى
الانتقال من البسيط التقليدي إلى الشكل الفني الجمالي ، ومن مرحلة التعبير النمطي
إلى مرحلة الإنتاج المتحدث ليصبح علامة من علامات التقدم الحرفي الذي يوحي على نمو
التجربة الجمالية بشكل متوا ثر واطرادي .
تعتبر المشغولات الجلدية من أكثر الفنون والصنائع
اليدوية إبداعا وإنتاجا بواد نون ،حيث نرى الجلود المدبوغة التي تتحول إلى وسائد
منمقة بالكثير من الصباغات والزخارف الجميلة تسمى اصرامى. إضافة إلى صناعة وخياطة بعض أدوات الحفظ والتخزين
كالتاسوفرا (حقيبة الرجل) والكونتية (حقيبة المرأة) وأغلفة السكاكين والقارورات
الزجاجية المغلفة بالجلد ، فضلا عن تجليد الرواحل والأقلام ، الجماعات ولكتوب
(التمائم) وصناعة القرب والشكاوي وخياطة الافراء (جمع فرو) وهي أغطية جلدية طويلة
وعريضة تصنع من جلد الماعز]
هذه المصنوعات الجلدية تتضمن نقوشات وزخارف وألوان يلعب
فيها الرمز سلطته التشكيلية . حيث المربعات ، المثلثات ، الدوائر ، الخطوط ،
الألوان تتجانس داخل انساق وقوالب زخرفيه متآلفة.
نمادج من الصناعات الجلدية باقليم اسا.
تعد المشغولات الجلدية من أكثر الفنون والصنائع اليدوية
إبداعا وإنتاجا بالصحراء، ومنها الجلود المدبوغة التي تحوّل في ما بعد إلى وسائد
منمقة بالكثير من الصبغات والزخارف الجميلة تسمى أصرامى، إضافة إلى صناعة وخياطة
بعض أدوات الحفظ والتخزين كالتاسوفرا (حقيبة الرجل) والكونتية (حقيبة المرأة)
وأغلفة السكاكين والقارورات الزجاجية المحلاة بالجلد..فضلا عن تجليد الرواحل
والأقلام وصناعة حوامل المفاتيح (الجمَّاعات) ولكتوبَ (التمائم- Amulettes) وصناعة القرب
والشكاوي وخياطة الأفراء (مفردها فرو)، وهي أغطية جلدية طويلة وعريضة تصنع من جلد الماعز طبيعتها لينة
ومزركشة بصبغات كثيرة لا تخلو من عناصر الجمال ويكسوها الشعر في إحدى جهتيه.
هذه المشغولات والصنائع الجلدية تتضمن، على تباين
أشكالها ووظائفها، الكثير من النقوشات
والتكاوين الزخرفية التي يلعب فيها الرمز سلطته التشكيلية، حيث المربعات
والدوائر والمثلثات والخطوط والألوان والكتل (المسطحة) تتجانس داخل أنساق وقوالب
زخرفية متآلفة تتوازن فيها الفراغات والامتلاءات وتتناغم فيها الإيقاعات والريتمات
التزيينية، كالتكرار والتعكس والتناوب والتناظر وتتحد فيها الألوان وتتجاوب داخل
سلاليم ضوئية هارمونية غاية في متعة الجمال..وجمال المتعة..
يصح إدراج زخرفة الجلود وتنميقها بالصحراء ضمن
ساحة التصوير الشعبي الفطري باعتباره "مجموعة من الخطوط والألوان والأشكال
المرسومة بمواد سهلة وميسرة، الغنية بالرموز والدلالات والتي تختصر تاريخ أمة بما
لها من تقاليد وعادات. إنه يعبر عن روح الجماعة ويتماشى مع ذوقها، فن أفرزته
الثقافة مع الأيام، يمارسه الناس إبداعا وتذوقا يكون مجهول الهوية والتاريخ
أحيانا، لأنه مِلك الجماعة، فن وظيفي غايته إما جمالية بقصد تزيين البيوت والحوانيت
والأواني والجسد..وإما دينية بقصد العبادة والتقوى مواضيعه دائما تدور حول السير
الشعبية والدين والتاريخ والزخرفة"
فهذه الممارسة الحِرفية ترسم عبر امتدادها التاريخي هوية
فئة اجتماعية حسّانية تمتهن صباغة الجلود وتنميقها ضمن سيرورة توارثية متحوّلة
تجسد أهمية الإبداع في الحياة
0 التعليقات:
إرسال تعليق